خطبة عن ( حقوق المرأة )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
أما بعد ، فيا عبادَ الله :
كثُر الكلام في هذه الأيام في وسائل الإعلام المرئية ، والمقروءة ، والمسموعة،كثر الحديث والكلام فيها عما يُسمّى ب((حقوق المرأة ))، وارتفعت الرايات ، والألوية تنادي بحقوقها .
بل نبَحَتْ تلك الأبواق الشيطانية تطالب بمساواتها مع الرجل وازدادت هذه المطالبة حينما بثّت ، ونشرت ، وأذاعت وسائل الإعلام مبادئها ، ودموعها دموعَ التماسيح ، والتي تهدف من خلالها إلى تحقيق(( حرية المرأة )) كما يزعمون .
وهذه الحملة – عبادَ الله – المُستهدَف منها من النساء ليست تلك المرأة الغربية ، إنما هي المرأة في هذا البلد الشريف ، والتي تستطلع من خلال الشاشات ما يُحاك ضدها، يُعرض أمامها ، ويُقدَّم أمام عينيها في قالبٍ من النصح ، الخير ، وهي لا تعلم هذه المسكينة بأنه خبث ودنس .
وفي هذه الحملة الكبرى وللأسف خرجت طائفتان ممن ينتسبون إلى الإسلام :
1- فطائفة تدعي بأن الإسلام سوَّى بين الرجل والمرأة ، فلا داعيَ إذاً أن ترخي الحجاب على وجهها ، ولا ضرورة – في ظنهم – أن تبقى المرأة وأن تمكث في بيتها لأنها كالرجل سواء ، لأنها مع الرجل سواء .
2- وطائفةٌ زعمت – ولبئس زعمها – بأنّ الإسلام عدوٌ للمرأة ، انتقص كرامتها ، وحطّم كبرياءها ، وشعورها ، وأهان مكانتها ، وجعلها شهوةً بين يدي الرجل لا حسب .
هذا زعمهم ، هؤلاء ، وأولئك في الحقيقة لا يعرفون حقيقة الإسلام عن المرأة ، أو يعرفون هذه الحقائق لكنهم يلبسون الحق بالباطل بغية الشرِّ والفساد للمجتمع .
وحاشا إسلامنا أن يكون بهذا التصور المشين ، حاشاه أن يكون بهذا المستوى الرذيل .في الحقيقة أنّ حقيقة الإسلام عن المرأة لا يعرفها إلا أهل الخير ، والصلاح الذين عرفوا مكان المرأة المناسب لها .
عبادَ الله ، اسألوا التاريخ . والتاريخ شاهد ،ماذا صنع الإسلام للمرأة ؟
- على حين كان الرومان يقررون في القرن السادس أن المرأة روحٌ شريرة ، جاء الإسلام لينصف ، جاء ليقرر ، جاء رسول البشرية عليه الصلاة والسلام يعلنها قائلا- كما في المسند - : (( النساء شقائق الرجال ))
- وعلى حين كان قانون الجاهلية يؤيد ( وأد البنات ) خيفة العار ، والفقر
جاء القرآن ليبين،وليوضح} وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{9}{ - وعلى حين كانت المرأة من سقط المتاع لا وزن لها ، ولا قيمة لها عند العرب ، جاء نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام يعلنها قائلاً : (( مَن كان له ثلاث بنات،فصبرعليهنّ ،وأطعمهنّ ،وكساهنّ ، كُنّ له حجاباً من النار ))
- وعلى حين كان اليهود يعتبرونها بمثابة الخادمة ، ولأبيها الحق في بيعها ، وعلى حين كان العرب يحرمونها من الميراث ، جاء الإسلام ليفصل في هذه القضية ، فقال جلّ وعلا: {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ{
هذا هو حال المرأة في الزمن الماضي 0
أما حالها في هذا الزمن ، انظر إلى تلك المجتمعات التي تدَّعي الحرية ، انظر إلى المرأة في تلك البيئات المظلمة ، بل في تلك الغابات الموحشة التي امتلأت بذئاب البشر ، صارت المرأة في تلك الغابات تعرض نفسها للراغبين ، تقدم نفسها للطالبين ، فما الذي حصل ؟
الذي حصل أنها سقطت في براثن ، وفي مستنقعات الجنس ، فحطّمت بالتالي كيانها ، وأسرتها وأضاعت شرفها وكيانها .
وهنا – وما أدراك ما هنا – هنا يحق للمرأة أن تفتخر بما أعطاها الإسلام
أعطاها الإسلام كيانا اقتصاديا تتصرف في مالها دون ولاية ، ودون وكالة بل حقق لها كامل الحرية ، في أخطر المسائل التي تتعلق بحياتها ، وهي مسألة الزواج .
فلا يجوز أن تُزوجَ المرأة إذا كانت بالغة عاقلة إلا بإذنها ، ولا يجوز لوليها أنْ يزوجها من غير إذنها ، ولا يتمُّ العقد إلا بإذنها ،(( لا تُزوج الثيب حتى تُستأمر ، ولا تُزوج البكر حتى تُستأذَن ، وإذنها صماتها )) هذا هو حديث النبي صلى الله عليه وسلم .
ويصبح العقد باطلا فيما لو أُبرم إذا لم تُبدي موافقتها عليه .
إلى هذا الحد ، وإلى هذه الدرجة بلغ تكريم الإسلام للمرأة ، ولا يستطيع أحد مهما أوتيَ من التبجُّح أن يقول : إنّ الإسلام لم يعطِ للمرأة مكانةً ، ولا قيمة ، وأنّ دورها في الإسلام دورٌ ضئيل ، أو أنه لا يُؤبه لها .
ولو كان الأمر كذلك ما عنى بها الإسلام هذه العناية الكاملة ، وما لم نذكرْه من هذه الأشياء عن محاسن ، وعن حقوق المرأة أكثر مما ذكرناه آنفا .
فماذا تريد إذاً امرأة العصر ؟
أتريد المرأة المسلمة تبرجاً وسفوراً ؟
أتريد أن تبدي للرجال جمال وجهها ، ومفاتن جسدها ؟
أتريد أن تخرج متبرجة متعطِّرة ؟
إنّ المسألة – عبادَ الله – والله ليست منحصرة في كشف الوجه ، إنما المسألة سلسلة طويلةٌ حلقاتها .
إذا كشفت المرأة عن وجهها سهل لها ، بل استمرأت أن تذهب حيثما شاءت وأن تحادث من شاءت ، وأن تضاحك من شاءت ، وأن ....، وأن .....
رفع الحجاب وسيلة إن حُبِّذت ضُمَّت إليها للفجور وسائلُ
فالاختلاط فمرقصٌ فموعـــدٌ فالاجتماع فخلوةٌ فتواصلُ
سبحان الله! يزداد العجب حينما يُعلن ، ويُذاع ، ويُنشر من أنّ مسألة الحجاب مسألة خلافية بين الصحابة ، اختلف فيها : ابن عباس ، وابن مسعود رضي الله عنهم .
ونحن نقول : إن هؤلاء كغيرهم مجتهدون ، مَنْ أصاب فله أجران ، ومَنْ أخطأ فله أجر واحد ، ومردُّ النزاع إلى كتاب الله ، وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم : }فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ– في أي شيء –فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ{ – ما هي العاقبة ؟ - }ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{ .أي أحسن عاقبة ومآلا والأدلة جاءت صريحة بوجوب ستر وجه المرأة ، فمن الأدلة – وهذا طرفٌ منا وإلا فالأدلة كثيرة – منها :
- في قصة وفي حادثة الإفك : لما رحل النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشة ، وأتاها صفوان السُلمي ، فغطَّت وجهها ، فقالت : كان قدرآني قبل أن تنزل آية الحجاب ، وقد نزلت في السنة الرابعة من الهجرة .
- ثمّ إنه عليه الصلاة والسلام أمر من أراد أن يخطب امرأة أن ينظر إليها ، فلو كان كشف الوجه جائزا ، لَما احتاج أن يأمره بأن ينظر إليها لأنه سينظر إليها في أي مكان .
ولهذا قال جابر : كنتُ أتخبَّأُ لها حتى أراها .
ثُمّ إنّ الجميع متفق على أنّ مكمن جمال المرأة ، وأنّ مكمن الفتنة فيها في وجهها .
لو قلتَ رجل : هناك امرأة جميلة ، فقال لك : ما علامة جمالها ؟
فقلت : إن ّساقيها جميلان ، وإنّ عضديها جميلان .
لا أصبحتَ من الحمقى ، لماذا ؟
لأنّ مكمن جمال المرأة في وجهها ، ما وجنتاها ؟ ما عيناها ؟ ما فمها ؟
هذا هو مكمن جمال المرأة .
ولهذا نهى الإسلام أنْ تضرب المرأة برجليها ، حتى لا يُسمع خلخالها خشية الفتنة .فكيف يأمر بكشف الوجه؟ }وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ{.
وقال جلّ وعلا : ((وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )).
ولم يقل : إلا ما أظهرن منها ، هناك فرق بين ما ظهر ، وبين ما أظهر،
لأن ما ظهر يدل على أنّ المرأة لا طاقة ولا قدرة لها في ذلك ، وذلك كما قال ابن مسعود : ((إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) كالعباءة ، ونحوها .
ثّمّ لو قلنا بهذا ، قال في مطلع الآية : ((وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) . وفي نفس الآية قال : ((وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ)) .
سبحان الله! لو كان إبداء الزينة في أول الآية كشف الوجه ، وكشف اليدين فماذا يبقى للمحارم أن يروه من المرأة ؟
هل يروا جميع جسمها ؟
فدلّ على أنّ هناك اختلافا ، افتراقا بين العبارتين .
أما أدلة مَن قال بجواز كشف الوجه للمرأة فهي إما أحاديث غير صحيحة، أو أنها أحاديث صحيحة ، ولكنها غير صريحة .
ومما استدلوا به حديث أسماء :
لما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بثيابٍ رقيقة ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( إنه يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض لا يجوز لها أن تظهر من جسمها إلا هذا وهذا ، وأشار إلى الوجه ، وإلى الكفين )).
فهذا الحديث من حيث السند ضعيف ، وفيه خمس علل ، بل إنّ في متنه نكارة .
كيف يليق بأسماء زوجة الزبير بن العوام الذي هو من أشدِّ الصحابة غيرةً على زوجاته ، كيف يليق بها أن تخرج ، وكيف يليق بها أن تخرج بهذا المظهر أمام مرأى النبي عليه الصلاة والسلام ؟!
ومن الأحاديث التي استدلوا بها -كما جاء في حديث أنس-أنه عليه الصلاة والسلام ، لما خطب بالنساء في العيدين ، قامت امرأةٌ سفعاء الخدين .
فقالوا : هذا دليل على أنّ وجه المرأة يجوز أن يُكشف .
وهذا الحديث منسوخ ، لماذا ؟
لأنّ هذه الحادثة وقعت في السنة الثانية من الهجرة ، أما آية الحجاب فنزلت في السنة الرابعة من الهجرة .
ومن قام عنده قائم الشبهة،أوقائم الشهوة في هذه المسألة فإنني أحيله على رسالة عظيمة،وهي رسالة لسماحة الشيخ العلّامة (( ابن عثيمين )) رحمة الله عليه .
فقد ذكر الأدلة الصريحة الصحيحة الواضحة على وجوب ستر المرأة وجهها ، وذكر أدلة من نازع في ذلك ، وردَّ عليها ردّاً بيانا واضحا .
إنني أقولها ، وبكل صراحة :
أنّ من كشفت من الفتيات عن وجهها الآن ، ستكشف حتماً غداً عن صدرها وعن ساقيها ، وعن فخذيها ، ولا يُماري في هذا إلا مضلل مدلس .
وأكبر دليل أنه في السنوات الماضية في البلدان الإسلامية ، لما كُشف الوجه ، ما الذي آلَ إليه الأمر ؟
ظهرتْ الساقان ، والآن كثيرٌ من النساء في تلك البلدان يلبسن من الثياب ما يصل إلى الركبة .
بل أصدق البرهان في مجتمعنا أنّ النقاب في أول الأمر كان يُلبس ولا يظهر من المرأة إلا مقدار العينين مع ظهور شيء من الحاجبين ، فتطور الأمر بالنساء ، فجعلت المرأة تكتحل وتتزين ، ثمّ أخرجتْ أعالي خديها .
وها نحن الآن نقترب من إظهار النصف الأعلى من الوجه ، وإذا استمرَّ الحال ، فالنصف الأسفل سيظهر منه ، وسيبدو منه على مرِّ السنين ، وحينها تكشف الفتيات ، والأمهات عن وجوههن بأكمله دون أن يكون هناك إنكار ، أو استنكار .
فإذا لم يقف الجميع وقفة حازمة أمام هذه التيارات الجارفة فقل على النساء السلام .
قال عليه الصلاة والسلام – كما في الصحيحين – : (( ما تركتُ بعدي فتنة هي أشدُّ ضرراً على الرجال من النساء )).
وقال عليه الصلاة والسلام : (( اتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإنّ أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء )) .
لا تأمننَّ على النساء ولو أخا
ما في الرجال على النساء أميينُ
إنّ الأمين وإنْ تحفَّظ جهــــده
لابــد أن بنظـــــــرة سيخـــــــونُ
عبادَ الله ، إنّ لسان حال البعض من الرجال والنساء يقول : إلى متى سنظلُّ متأخرين ؟ إلى متى يقف الدعاة والخطباء عن التقدم ؟ لماذا لا نقفو أثر الغرب ؟
سبحان الله! هل المدنيَّة أن يقف العاشقان في الطريق العام في قبلة عميقة ، أهذا هو التقدم ؟ أهذه هي المدنيَّة ؟
انظر إلى تلك البلدان الإسلامية التي كُشفت فيها الوجوه ، هل تقدموا ؟
والله بل تأخروا كثيراً .
هل التقدم أن تخرج الفتاة والفتى معاً في نزهةٍ برية خلوية ؟
وهل التقدم ، وهل الرقي أن يُلوثَ المجتمع بأنْ تُطلق فتيانه ، وفتياته كالبهائم ينزو بعضهم على بعض ؟
هل البهجة أن تخرج المرأة متبرجة مُتجمِّلة؟
شرُّ البلية ما يُضحك .
المرأة في الغرب – صحيحٌ أنها تلقَّت ضروراتها من الجنس مع الرجل ، ولكنها لم تعد أن تكون أمَّاً صالحة ، ولا زوجة صالحة .
والواقع خير سجلٍ للمبصرين ، أساءت المرأة في الغرب إلى نفسها ، وأساء إليها من زعم أنهم أنصارها .
فقد كانت عرضا يُصان ، وقد كانت أمانة تُصان ، فأصبحت حملا ، وعبئا ثقيلا لا يُطاق ، فما تسعها المروءة التي كانت تدافع عنها ، وما تسعها الغيرة التي كانت سببا في المحافظة عليها .
((وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )).
وأخيرا ، عبادَ الله ، ماذا يريد الإسلام من المرأة ؟
الإسلام يريد من المرأة أن تكون زوجةً مطيعة لربها ، ومن ثَمَّ مطيعة لزوجها ، تسليه، وتذهب عنه همومه ، كشأن الصحابيات .
لما جاء عليه الصلاة والسلام إلى خديجة – كما في صحيح البخاري – فقد خشي على نفسه ، وقد خاف لما نزل عليه الوحي ، فماذا قالت له مؤنِّسةً له قالت : (( كلا والله لا يُخزيك الله أبداً ، إنّك لتصل الرحم ، وتقري الضيف ، وتحمل الكَلّ ، وتعين على نوائب الدهر )).
يريد الإسلام من المرأة أن تكون مع زوجها ربَّة بيت ، ومربية أولاد .
يريد منها أن تكون مُتفقِّهة متعلمة ، كعائشة ، وأم سَلَمة ، وأسماء .
يريدها أن تكون صابرة عن مساخط الله جلّ وعلا ، لا تسقط مقابل كلام معسول ، أو أمنية موعودة ، أو مال مبذول .
يريدها أن لا تفوتها صلاةٌ أينما كانت ، وألا تخالط الرجال مهما احتاجت وألا تلبس لبس الفاسقات مهما دُعيت ، وأُغريت .
إذا تزوَّجتَ فكـــن حاذقـــــا واسأل عن الغصن وعن منبتهْ
فأول خبث الماء خبث ترابه وأول خبث القوم خبث المناكحِ
فقد رمانا عدو الإسلام – عبادَ الله – بأخطر سهامه حينما سعى إلى إفساد المرأة ، فأصاب إلى حدٍّ كبيرٍ ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فيا حبذا بل يجب وجوبا على الكل أن يقف أمام هذه التيَّارات الجارفة موقف الحزم والجد ، قبل أن يستشري الداء ، ويعمّنا البلاء من الله جلّ وعلا .
((وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً )).
أقول ما تسمع ، وأستغفر الله لي ولك ، فاستغفره ، وتب إليه ، إنّ ربي كان توابا رحيما .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
الخطبة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله رب العالمين ، والعاقبة للمتقين ، ولا عدوان إلا على الظالمين
وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله إمام المهتدين المتقين ، وصلى الله عليه ، وعلى آله ، وصحابته ، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد ، فيا عباد الله :
إنّ من مزايا ، وإنّ من محاسن الإسلام أنه يسوي بين المرأة والرجل حينما تقتضي الفطرة ذلك ، وأن يُفرق بينها حينما تقتضي الفطرة ذلك .
وقد نُقِمَ على الإسلام بأمور شتى ، قالوا فيها : إنّ الإسلام فضّل الرجل على المرأة في أمور .
وإليكم هذه الأمور والجواب عنها :
قالوا : إنّ الإسلام جعل للرجل في مسألة الإرث مثل حظِّ الأنثيين .
ونحن نقول : إنّ هذا حق ، للرجل سهمان ، وللمرأة سهمٌ واحد ، ولكن تعالَوا بنا ، من هو المُكلَّف بالنفقة على الأسرة ، وعلى المرأة ؟ الرجل أم المرأة ؟
لا شكَّ أنّ المُكلَّف على الإنفاق إنما هو الرجل ، يأخذ الرجل ثلثي الثروة فينفقها على نفسه ، وعلى امرأته ، وعلى أسرته ، وتأخذ المرأة الثلث فتنفقه على نفسها ، بل تستأثر به ، وتحافظ عليه ، وترصده .
فأيهما يصيب أكثر – عباد الله – بمنطق الحساب والأرقام ؟!
بل مهما كانت ثروتها لا يجوز له أن يأخذ منها ولو شيئا يسيرا إلا برضاها التام .
بل يجب عليه - ولو كانت من أثرى النساء – أن ينفق عليها كأنه لا مال لها ، وإن قصَّر ، أو فرَّط فلها أن تشكوَه في المحكمة ، فإذا لم يذعن للحكم الشرعي فلها أن تطالب بالفسخ من هذا الرجل .
فأين الظلم ؟ وأين البغي ؟
ثُمّ إنّ هذا الأمر ليس مُعمَّما ، إنما هو في المال الموروث ، أما في الأموال الأخرى المكتسبة فالرجل والمرأة سواء ، بل إن المرأة لو اشتركت في تجارة مع زوجها ، أو أحد محارمها ، وشاءت أن يكون لها من الربح الثلثان ، وله الثلث لَجاز ذلك في الإسلام .
إذاً لا ظلمَ ، ولا شبهة في ظلم .
ومما نُقم على الإسلام :
- أنه اعتبر شهادة امرأتين بشهادة رجلٍ واحد .
وهذا حق ، ولكن المرأة – عباد الله في هذه المسألة - امرأة عاطفيَّة ، ضعيفٌ حفظُها ، فروعي أن تكون معها امرأة أخرى ، ثُمّ ليس هذا على إطلاقه ، بل إنه مما تُقبل فيه شهادة النساء مما يخفى على الرجال غالبا ولا يخفى على النساء ، كالرضاع مثلا يُكتفى بشهادة امرأة واحدة .
ثمّ أيضا ما لا يطلع عليه إلا الرجال غالباً ، ولا يطلع عليه النساء يُقبل في ذلك من الرجال اثنان ، وأما بالنسبة للمرأة فيما تتطلع عليه غالباً يُقبل فيها قولُ امرأة واحدة .
فأين الظلم عبادَ الله ؟!
ومما نُقم على الإسلام :
في تمييز الرجل عن المرأة في مسألة العقيقة .
وذلك أنه إذا أتى مولودٌ ذكر فيُعقُّ عنه بشاتين ، والأنثى بشاةٍ واحدة .
ونحن نقول : إنّ القلوبَ جُبلتْ وفُطرت – ولا يُنازع في هذا إلا جاهل ، أو ضالّ – جُبلت على حبّ الإنسان للذكر أكثر من الأنثى .
وهذه جِبلَّةٌ وطبيعة ، فلما أنعم الله عزّ وجلّ على هذا الإنسان بهذا الذكر الذي هو في النعمة أعظم من الأنثى طُولب منه أن يشكر الله عزّ وجلّ بأكثر من مجيء الأنثى .
فأين الظلم ؟ وأين البغي ؟
ومما نُقم على الإسلام :
في كونه يُميز ، ويفضل الرجل على المرأة في مسألة ( القوامة )
ونحن نقول : إنّ الحياة لا تستقيم إلا أن يكون هناك رئيسٌ ، أو مرؤوس وإلا دبَّت الفوضى ، ودبّ الفساد في المجتمع ، وفي الأسرة .
سنبقى أمام احتمالين :
هل تُوكل مهمة القوامة للرجل أم للمرأة ؟
هل توكل للمرأة ضعيفة الجسد التي تستهويها العاطفة ، والموضات ،وتغلِّب عاطفتها على فكرها،أم إلى الرجل القوي الجسد المسيطر على شهوته،والمسيطر على عاطفته ؟!
إنّ كلّ عاقلٍ منصفٍ سيقول : إنّ الرجلَ أحق بها ، ثم كونه قوَّاما عليها لا يعني أنه أفضل منها ، بل التفضيل كما قال جلّ وعلا : (( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )) .
ومما نُقم على الإسلام :
أنه جعل في الدِّية للرجل ضعفي دية المرأة .
وهذا حق ، ولكن نقول : حينما تفتقد الأسرة الرجل يخسرونه خسارة مادية ومعنوية:
- يخسرونه خسارة مادية لأنه المنفق عليهم ، ولأنه لو حصل في الأسرة قتل خطأ لَكان من العصبة الذين يُلزمون بدفع الدية لأولياء المقتول .
- أما فقدان المرأة ، فهو فقدانٌ معنوي لا مادي .
ومما نُقم على الإسلام :
أنه أباح للرجل أن يُعدِّد ، ولم يُبح للمرأة أن تُعدِّد .
فنحن نقول : التعدُّد أباحه الإسلام بشرط العدل ، لأنّ واقع المجتمعات كما ترون أن عدد الرجال ( أقل ) من عدد النساء ، وذلك بسبب الحروب ، وحوادث السيارات ، فلو تزوج كلُّ رجل بامرأة فسيبقى عددٌ فائضٌ من النساء ، فما مصيرهنّ ؟
وجدلا . أيهما أكرم للمرأة ؟ :
- أن تكون زوجة ثانية لها حقوقها الزوجية .
- أم تكون خليلة تمارس الجنس خلسة في الظلام أو جهارا في وضح النهار مرةً مع هذا ، ومرة مع هذا كالحمَّام الذي يُتخلَّى فيه .
حتى إذا جاوزت الثلاثين قلّ الراغب فيها ، واستحكمت فيها الوحدة ، وعدمت الزوج والولد .
ولا ريب أنّ حياة المرأة زوجة ثانية ، أو ثالثة ، أو رابعة خيرٌ ألف مرة من العنوسة ، أو من حياة العهر ، والفجور .
ثم إنّ التعدد – عبادَ الله – قد يكون سببه العقم ، أو قد يكون السبب تكثير النسل ، فما هو الحل الأمثل ؟
أهو طلاق الأولى أم بقاؤها زوجة ثانية ،أو ثالثة مع زوجها ؟
ثم إنّ بعض الرجال فيه شبق ، لا تكفيه امرأة واحدة ، فراعى الإسلام هذا الأمر .
وختاما :
فالإسلام حينما فضَّل الرجل على المرأة في هذه الأمور فهو من مصلحة المرأة لا من مضرتها.} وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ{ } }فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ{ .
via منتديات كويتيات النسائية http://www.q8yat.com/t1148568.html
No comments:
Post a Comment